فصل: فَاغِيَةٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.عَنْبَرٌ:

.إبَاحَةُ مَا فِي الْبَحْرِ لَا يَخْتَصّ بِالسّمَكِ:

تَقَدّمَ فِي الصّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي قِصّةِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَكْلِهِمْ مِنْ الْعَنْبَرِ شَهْرًا وَأَنّهُمْ تَزَوّدُوا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ إلَى الْمَدِينَةِ وَأَرْسَلُوا مِنْهُ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ أَحَدُ مَا يَدُلّ عَلَى أَنّ إبَاحَةَ مَا فِي الْبَحْرِ لَا يَخْتَصّ بِالسّمَكِ وَعَلَى أَنّ مَيْتَتَهُ حَلَالٌ وَاعْتُرِضَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنّ الْبَحْرَ أَلْقَاهُ حَيّا ثُمّ جَزَرَ عَنْهُ الْمَاءُ فَمَاتَ وَهَذَا حَلَالٌ فَإِنّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ مُفَارَقَتِهِ لِلْمَاءِ وَهَذَا لَا يَصِحّ فَإِنّهُمْ إنّمَا وَجَدُوهُ مَيّتًا بِالسّاحِلِ وَلَمْ يُشَاهِدُوهُ قَدْ خَرَجَ عَنْهُ حَيّا ثُمّ جَزَرَ عَنْهُ الْمَاءُ. وَأَيْضًا: فَلَوْ كَانَ حَيّا لَمَا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ إلَى سَاحِلِهِ فَإِنّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنّ الْبَحْرَ إنّمَا يَقْذِفُ إلَى سَاحِلِهِ الْمَيّتَ مِنْ حَيَوَانَاتِهِ لَا الْحَيّ مِنْهَا. وَأَيْضًا: فَلَوْ قُدّرَ احْتِمَالُ مَا ذَكَرُوهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي الْإِبَاحَةِ فَإِنّهُ لَا يُبَاجُ الشّيْءُ مَعَ الشّكّ فِي سَبَبِ إبَاحَتِهِ وَلِهَذَا مَنَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ أَكْلِ الصّيْدِ إذَا.

.طِيبُ الْعَنْبَرِ وَالْمُفَاضَلَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِسْكِ:

وَأَمّا الْعَنْبَرُ الّذِي هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الطّيبِ فَهُوَ مِنْ أَفْخَرِ أَنْوَاعِهِ بَعْدَ الْمِسْكِ وَأَخْطَأَ مَنْ قَدّمَهُ عَلَى الْمِسْكِ وَجَعَلَهُ سَيّدَ أَنْوَاعِ الطّيبِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ قَالَ فِي الْمِسْكِ هُوَ أَطْيَبُ الطّيبِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى ذِكْرُ الْخَصَائِصِ وَالْمَنَافِعِ الّتِي خُصّ بِهَا الْمِسْكُ حَتّى إنّهُ طِيبُ الْجَنّةِ وَالْكُثْبَانِ الّتِي هِيَ مَقَاعِدُ الصّدّيقِينَ هُنَاكَ مِنْ مِسْكٍ لَا مِنْ عَنْبَرٍ. وَاَلّذِي غَرّ هَذَا الْقَائِلَ أَنّهُ لَا يَدْخُلُهُ التّغَيّرُ عَلَى طُولِ الزّمَانِ فَهُوَ كَالذّهَبِ وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْمِسْكِ فَإِنّهُ بِهَذِهِ الْخَاصّيّةِ الْوَاحِدَةِ لَا يُقَاوِمُ مَا فِي الْمِسْكِ مِنْ الْخَوَاصّ.

.أَنْوَاعُ طِيبِ الْعَنْبَرِ:

وَبَعْدُ فَضُرُوبُهُ كَثِيرَةٌ وَأَلْوَانُهُ مُخْتَلِفَةٌ فَمِنْهُ الْأَبْيَضُ وَالْأَشْهَبُ وَالْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَخْضَرُ وَالْأَزْرَقُ وَالْأَسْوَدُ وَذُو الْأَلْوَانِ وَأَجْوَدُهُ الْأَشْهَبُ ثُمّ الْأَزْرَقُ ثُمّ الْأَصْفَرُ وَأَرْدَؤُهُ الْأَسْوَدُ. وَقَدْ اخْتَلَفَ النّاسُ فِي عُنْصُرِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ فَيَبْتَلِعُهُ بَعْضُ دَوَابّهِ فَإِذَا ثَمِلَتْ مِنْهُ قَذَفَتْهُ رَجِيعًا فَيَقْذِفُهُ الْبَحْرُ إلَى سَاحِلِهِ. وَقِيلَ طَلّ يَنْزِلُ مِنْ السّمَاءِ فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَتُلْقِيهِ الْأَمْوَاجُ إلَى السّاحِلِ وَقِيلَ رَوْثُ دَابّةٍ بَحْرِيّةٍ تُشْبِهُ الْبَقَرَةَ. وَقِيلَ بَلْ هُوَ جَفَاءٌ مِنْ جَفَاءِ الْبَحْرِ أَيْ زَبَدٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْقَانُونِ: هُوَ فِيمَا يُظَنّ يَنْبُعُ مِنْ عَيْنٍ فِي الْبَحْرِ وَاَلّذِي يُقَالُ إنّهُ زَبَدُ الْبَحْرِ أَوْ رَوْثُ دَابّةٍ بَعِيدٌ انْتَهَى. وَمِزَاجُهُ حَارّ يَابِسٌ مُقَوّ لِلْقَلْبِ وَالدّمَاغِ وَالْحَوَاسّ وَأَعْضَاءِ الْبَدَنِ نَافِعٌ مِنْ الْفَالِجِ وَاللّقْوَةِ وَالْأَمْرَاضِ الْبَلْغَمِيّةِ وَأَوْجَاعِ الْمَعِدَةِ الْبَارِدَةِ وَالرّيَاحِ طُلِيَ بِهِ مِنْ خَارِجٍ وَإِذَا تُبُخّرَ بِهِ نَفَعَ مِنْ الزّكَامِ وَالصّدَاعِ والشقيقة الْبَارِدَةِ.

.عُودٌ:

الْعُودُ الْهِنْدِيّ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا: يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَدْوِيَةِ وَهُوَ الْكُسْتُ وَيُقَالُ لَهُ الْقُسْطُ وَسَيَأْتِي فِي حَرْفِ الْقَافِ.
الثّانِي: يُسْتَعْمَلُ فِي الطّيبِ وَيُقَالُ لَهُ الْأَلُوّةُ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا أَنّهُ كَانَ يَسْتَجْمِرُ بِالْأَلُوّةِ غَيْرَ مُطَرّاةٍ وَبِكَافُورٍ يُطْرَحُ مَعَهَا وَيَقُولُ هَكَذَا كَانَ يَسْتَجْمِرُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَثَبَتَ عَنْهُ فِي صِفَةِ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنّةِ مَجَامِرُهُمْ الْأَلُوّةُ وَالْمَجَامِرُ جَمْعُ مِجْمَرٍ وَهُوَ مَا يُتَجَمّرُ بِهِ مِنْ عُودٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ. أَجْوَدُهَا: الْهِنْدِيّ ثُمّ الصّينِيّ ثُمّ الْقَمَارِيّ ثُمّ الْمَنْدَلِيّ وَأَجْوَدُهُ الْأَسْوَدُ وَالْأَزْرَقُ الصّلْبُ الرّزِينُ الدّسَمِ وَأَقَلّهُ جَوْدَةً مَا خَفّ وَطَفَا عَلَى الْمَاءِ وَيُقَالُ إنّهُ شَجَرٌ يُقْطَعُ وَيُدْفَنُ فِي الْأَرْضِ سَنَةً فَتَأْكُلُ الْأَرْضُ مِنْهُ مَا لَا يَنْفَعُ وَيَبْقَى عُودُ الطّيبِ لَا تَعْمَلُ فِيهِ الْأَرْضُ شَيْئًا يَتَعَفّنُ مِنْهُ قِشْرُهُ وَمَا لَا طِيبَ فِيهِ. وَهُوَ حَارّ يَابِسٌ فِي الثّالِثَةِ يَفْتَحُ السّدَدَ وَيَكْسِرُ الرّيَاحَ وَيَذْهَبُ بِفَضْلِ الرّطُوبَةِ وَيُقَوّي الْأَحْشَاءَ وَالْقَلْبَ وَيُفْرِحُهُ وَيَنْفَعُ الدّمَاغَ وَيُقَوّي الْحَوَاسّ وَيَحْبِسُ الْبَطْنَ وَيَنْفَعُ مِنْ سَلَسِ الْبَوْلِ الْحَادِثِ عَنْ بَرْدِ الْمَثَانَةِ. قَالَ ابْنُ سَمْجُونٍ: الْعُودُ ضُرُوبٌ كَثِيرَةٌ يَجْمَعُهَا اسْمُ الْأَلُوّةِ وَيُسْتَعْمَلُ مُرَاعَاةُ جَوْهَرِ الْهَوَاءِ وَإِصْلَاحُهُ فَإِنّهُ أَحَدُ الْأَشْيَاءِ السّتّةِ الضّرُورِيّةِ الّتِي فِي صَلَاحِهَا صَلَاحُ الْأَبْدَانِ.

.عَدَسٌ:

قَدْ وَرَدَ فِيهِ أَحَادِيثُ كُلّهَا بَاطِلَةٌ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْهَا كَحَدِيثِ إنّهُ قُدّسَ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيّا وَحَدِيثِ إنّهُ يُرِقّ الْقَلْبَ وَيُغْزِرُ الدّمْعَةَ وَإِنّهُ مَأْكُولُ الصّالِحِينَ وَأَرْفَعُ شَيْءٍ جَاءَ فِيهِ وَأَصَحّهُ أَنّهُ شَهْوَةُ الْيَهُودِ الّتِي قَدّمُوهَا عَلَى الْمَنّ وَالسّلْوَى وَهُوَ قَرِينُ الثّومِ وَالْبَصَلِ فِي الذّكْرِ. وَطَبْعُهُ طَبْعُ الْمُؤَنّثِ بَارِدٌ يَابِسٌ وَفِيهِ قُوّتَانِ مُتَضَادّتَانِ. إحْدَاهُمَا: يُعَقّلُ الطّبِيعَةَ. وَالْأُخْرَى: يُطْلِقُهَا وَقِشْرُهُ حَارّ يَابِسٌ فِي الثّالِثَةِ حِرّيفٌ مُطْلِقٌ لِلْبَطْنِ وَتِرْيَاقُهُ فِي قِشْرِهِ وَلِهَذَا كَانَ صِحَاحُهُ أَنْفَعَ مِنْ مَطْحُونِهِ وَأَخَفّ عَلَى الْمَعِدَةِ وَأَقَلّ ضَرَرًا فَإِنّ لُبّهُ بَطِيءُ الْهَضْمِ لِبُرُودَتِهِ وَيُبُوسَتِهِ وَهُوَ مُوَلّدٌ لِلسّوْدَاءِ وَيَضُرّ بالماليخوليا ضَرَرًا بَيّنًا وَيَضُرّ بِالْأَعْصَابِ وَالْبَصَرِ. وَهُوَ غَلِيظُ الدّمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَجَنّبَهُ أَصْحَابُ السّوْدَاءِ وَإِكْثَارُهُمْ مِنْهُ يُوَلّدُ لَهُمْ أَدْوَاءً رَدِيئَةً كَالْوَسْوَاسِ وَالْجُذَامِ وَحُمّى الرّبْعِ وَيُقَلّلُ ضَرَرَهُ السّلْقُ وَالْإِسْفَانَاخُ وَإِكْثَارُ الدّهْنِ. وَأَرْدَأَ مَا أُكِلَ بالنمكسود وَلْيُتَجَنّبْ خَلْطُ الْحَلَاوَةِ بِهِ فَإِنّهُ يُورِثُ سُدَدًا كَبِدِيّةً وَإِدْمَانُهُ يُظْلِمُ الْبَصَرَ لِشِدّةِ تَجْفِيفِهِ وَيُعْسِرُ الْبَوْلَ وَيُوجِبُ الْأَوْرَامَ الْبَارِدَةَ وَالرّيَاحَ الْغَلِيظَةَ وَأَجْوَدُهُ الْأَبْيَضُ السّمِينُ السّرِيعُ النّضْجِ. وَأَمّا مَا يَظُنّهُ الْجُهّالُ أَنّهُ كَانَ سِمَاطَ الْخَلِيلِ الّذِي يُقَدّمُهُ لِأَضْيَافِهِ مُفْتَرًى وَإِنّمَا حَكَى اللّهُ عَنْهُ الضّيَافَةَ بِالشّوَاءِ وَهُوَ الْعِجْلُ الْحَنِيذُ.

.قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي الْعَدَسِ:

وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ إسْحَاقَ قَالَ سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ الْحَدِيثِ الّذِي جَاءَ فِي الْعَدَسِ أَنّهُ قُدّسَ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيّا فَقَالَ وَلَا عَلَى لِسَانِ نَبِيّ وَاحِدٍ وَإِنّهُ لِمُؤْذٍ مُنَفّخٌ مَنْ حَدّثَكُمْ بِهِ؟ قَالُوا: سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ فَقَالَ عَمّنْ؟ قَالُوا: عَنْك. قَالَ وَعَنّي أَيْضًا؟.

.حَرْفُ الْغَيْنِ:

.غَيْثٌ:

مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ فِي عِدّةِ مَوَاضِعَ وَهُوَ لَذِيذُ الِاسْمِ عَلَى السّمْعِ وَالْمُسَمّى عَلَى الرّوحِ وَالْبُدْنِ تَبْتَهِجُ الْأَسْمَاعُ بِذِكْرِهِ وَالْقُلُوبُ بِوُرُودِهِ وَمَاؤُهُ أَفْضَلُ الْمِيَاهِ وَأَلْطَفُهَا وَأَنْفَعُهَا وَأَعْظَمُهَا بَرَكَةً وَلَا سِيّمَا إذَا كَانَ مِنْ سَحَابٍ رَاعِدٍ وَاجْتَمَعَ فِي مُسْتَنْقَعَاتِ الْجِبَالِ وَهُوَ أَرْطَبُ مِنْ سَائِرِ الْمِيَاهِ لِأَنّهُ لَمْ تَطُلْ مُدّتُهُ عَلَى الْأَرْضِ فَيَكْتَسِبُ مِنْ يُبُوسَتِهَا وَلَمْ يُخَالِطْهُ جَوْهَرٌ يَابِسٌ وَلِذَلِكَ يَتَغَيّرُ وَيَتَعَفّنُ سَرِيعًا لِلَطَافَتِهِ وَسُرْعَةِ انْفِعَالِهِ وَهَلْ الْغَيْثُ الرّبِيعِيّ أَلْطَفُ مِنْ الشّتْوِيّ أَوْ بِالْعَكْسِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ.

.التّرْجِيحُ بَيْنَ الْغَيْثِ الشّتْوِيّ وَالرّبِيعِيّ:

قَالَ مَنْ رَجّحَ الْغَيْثَ الشّتْوِيّ حَرَارَةُ الشّمْسِ تَكُونُ حِينَئِذٍ أَقَلّ فَلَا تَجْتَذِبُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ إلّا أَلْطَفَهُ وَالْجَوّ صَافٍ وَهُوَ خَالٍ مِنْ الْأَبْخِرَةِ الدّخّانِيّةِ وَالْغُبَارِ الْمُخَالِطِ لِلْمَاءِ وَكُلّ هَذَا يُوجِبُ لُطْفَهُ وَصَفَاءَهُ وَخُلُوّهُ مِنْ مُخَالِطٍ. قَالَ مَنْ رَجّحَ الرّبِيعِيّ الْحَرَارَةُ تُوجِبُ تَحَلّلَ الْأَبْخِرَةِ الْغَلِيظَةِ وَتُوجِبُ رِقّةَ الْهَوَاءِ وَلَطَافَتَهُ فَيَخِفّ بِذَلِكَ الْمَاءُ وَتَقِلّ أَجْزَاؤُهُ الْأَرْضِيّةُ وَتُصَادِفُ وَقْتَ حَيَاةِ النّبَاتِ وَالْأَشْجَارِ وَطِيبَ الْهَوَاءِ.

.تَبَرّكُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْمَطَرُ:

وَذَكَرَ الشّافِعِيّ رَحِمَهُ اللّهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَصَابَنَا مَطَرٌ فَحَسَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَوْبَهُ وَقَالَ إنّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبّهِ وَقَدْ تَقَدّمَ فِي هَدْيِهِ فِي الِاسْتِشْفَاءِ ذِكْرُ اسْتِمْطَارِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَبَرّكِهِ بِمَاءِ الْغَيْثِ عند أول مجيئه.

.حَرْفُ الْفَاءِ:

.فَاتِحَةُ الْكِتَابِ:

وَأُمّ الْقُرْآنِ وَالسّبْعُ الْمَثَانِي وَالشّفَاءُ التّامّ وَالدّوَاءُ النّافِعُ وَالرّقْيَةُ التّامّةُ وَمِفْتَاحُ الْغِنَى وَالْفَلَاحِ وَحَافِظَةُ الْقُوّةِ وَدَافِعَةُ الْهَمّ وَالْغَمّ وَالْخَوْفِ وَالْحَزَنِ لِمَنْ عَرَفَ مِقْدَارَهَا وَأَعْطَاهَا حَقّهَا وَأَحْسَنَ تَنْزِيلَهَا عَلَى دَائِهِ وَعَرَفَ وَجْهَ الِاسْتِشْفَاءِ وَالتّدَاوِي بِهَا وَالسّرّ الّذِي لِأَجْلِهِ كَانَتْ كَذَلِكَ. وَلَمّا وَقَعَ بَعْضُ الصّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ رَقَى بِهَا اللّدِيغَ فَبَرَأَ لِوَقْتِهِ فَقَالَ لَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَا أَدْرَاك أَنّهَا رُقْيَةٌ وَمَنْ سَاعَدَهُ التّوْفِيقُ وَأُعِينَ بِنُورِ الْبَصِيرَةِ حَتّى وَقَفَ عَلَى أَسْرَارِ هَذِهِ السّورَةِ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ التّوْحِيدِ وَمَعْرِفَةِ الذّاتِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَإِثْبَاتِ الشّرْعِ وَالْقَدَرِ وَالْمَعَادِ وَتَجْرِيدِ تَوْحِيدِ الرّبُوبِيّةِ وَالْإِلَهِيّةِ وَكَمَالِ التّوَكّلِ وَالتّفْوِيضِ إلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ كُلّهُ وَلَهُ الْحَمْدُ كُلّهُ وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلّهُ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلّهُ وَالِافْتِقَارُ إلَيْهِ فِي طَلَبِ الْهِدَايَةِ الّتِي هِيَ أَصْلُ سَعَادَةِ الدّارَيْنِ وَعَلِمَ ارْتِبَاطَ مَعَانِيهَا بِجَلْبِ مَصَالِحِهِمَا وَدَفْعِ مَفَاسِدِهِمَا وَأَنّ الْعَاقِبَةَ الْمُطْلَقَةَ التّامّةَ وَالنّعْمَةَ الْكَامِلَةَ مَنُوطَةٌ بِهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى التّحَقّقِ بِهَا أَغْنَتْهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالرّقَى وَاسْتَفْتَحَ بِهَا مِنْ الْخَيْرِ أَبْوَابَهُ وَدَفَعَ بِهَا مِنْ الشّرّ أَسْبَابَهُ. وَإِيمَانٍ آخَرَ وَتَاللّهِ لَا تَجِدُ مَقَالَةً فَاسِدَةً وَلَا بِدْعَةً بَاطِلَةً إلّا وَفَاتِحَةُ الْكِتَابِ مُتَضَمّنَةٌ لِرَدّهَا وَإِبْطَالِهَا بِأَقْرَبِ الطّرُقِ وَأَصَحّهَا وَأَوْضَحِهَا وَلَا تَجِدُ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْمَعَارِفِ الْإِلَهِيّةِ وَأَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَأَدْوِيَتِهَا مِنْ عِلَلِهَا وَأَسْقَامِهَا إلّا وَفِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مِفْتَاحُهُ وَمَوْضِعُ الدّلَالَةِ عَلَيْهِ وَلَا مَنْزِلًا مِنْ مَنَازِلِ السّائِرِينَ إلَى رَبّ الْعَالَمِينَ إلّا وَبِدَايَتُهُ وَنِهَايَتُهُ فِيهَا. وَلَعَمْرُ اللّهِ إنّ شَأْنَهَا لَأَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ فَوْقَ ذَلِكَ. وَمَا تَحَقّقَ عَبْدٌ بِهَا وَاعْتَصَمَ بِهَا وَعَقَلَ عَمّنْ تَكَلّمَ بِهَا وَأَنْزَلَهَا شِفَاءً تَامّا وَعِصْمَةً بَالِغَةً وَنُورًا مُبِينًا وَفَهِمَهَا وَفَهِمَ لَوَازِمَهَا كَمَا يَنْبَغِي وَوَقَعَ فِي بِدْعَةٍ وَلَا شِرْكٍ وَلَا أَصَابَهُ مَرَضٌ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ إلّا لِمَامًا غَيْرَ مُسْتَقِرّ. هَذَا وَإِنّهَا الْمِفْتَاحُ الْأَعْظَمُ لِكُنُوزِ الْأَرْضِ كَمَا أَنّهَا الْمِفْتَاحُ لِكُنُوزِ الْجَنّةِ وَلَكِنْ لَيْسَ كُلّ وَاحِدٍ يُحْسِنُ الْفَتْحَ بِهَذَا الْمِفْتَاحِ وَلَوْ أَنّ طُلّابَ الْكُنُوزِ وَقَفُوا عَلَى سِرّ هَذِهِ السّورَةِ وَتَحَقّقُوا بِمَعَانِيهَا وَرَكّبُوا لِهَذَا الْمِفْتَاحِ أَسْنَانًا وَأَحْسَنُوا الْفَتْحَ بِهِ لَوَصَلُوا إلَى تَنَاوُلِ الْكُنُوزِ مِنْ غَيْرِ مُعَاوِقٍ وَلَا مُمَانِعٍ. وَلَمْ نَقُلْ هَذَا مُجَازَفَةً وَلَا اسْتِعَارَةً بَلْ حَقِيقَةً وَلَكِنْ لِلّهِ تَعَالَى حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فِي إخْفَاءِ هَذَا السّرّ عَنْ نُفُوسِ أَكْثَرِ الْعَالَمِينَ كَمَا لَهُ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فِي إخْفَاءِ كُنُوزِ الْأَرْضِ عَنْهُمْ وَالْكُنُوزُ الْمَحْجُوبَةُ قَدْ اُسْتُخْدِمَ عَلَيْهَا أَرْوَاحٌ خَبِيثَةٌ شَيْطَانِيّةٌ تَحُولُ بَيْنَ الْإِنْسِ وَبَيْنَهَا وَلَا تَقْهَرُهَا إلّا أَرْوَاحٌ عُلْوِيّةٌ شَرِيفَةٌ غَالِبَةٌ لَهَا بِحَالِهَا الْإِيمَانِيّ مَعَهَا مِنْهُ أَسْلِحَةٌ لَا تَقُومُ لَهَا الشّيَاطِينُ وَأَكْثَرُ نُفُوسِ النّاسِ لَيْسَتْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَلَا يُقَاوِمُ تِلْكَ الْأَرْوَاحَ وَلَا يَقْهَرُهَا وَلَا يَنَالُ مَنْ سَلَبِهَا شَيْئًا فَإِنّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ.

.فَاغِيَةٌ:

هِيَ نَوْرُ الْحِنّاءِ وَهِيَ مِنْ أَطْيَبِ الرّيَاحِينِ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابِهِ شُعَبُ الْإِيمَانِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ سَيّدُ الرّيَاحِينِ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْفَاغِيَةُ وَرَوَى فِيهِ أَيْضًا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ أَحَبّ الرّيَاحِينِ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْفَاغِيَةُ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِحَالِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَلَا نَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمَا لَا نَعْلَمُ صِحّتَهُ. وَهِيَ مُعْتَدِلَةٌ فِي الْحَرّ وَالْيُبْسِ فِيهَا بَعْضُ الْقَبْضِ وَإِذَا وُضِعَتْ بَيْنَ طَيّ ثِيَابِ الصّوفِ حَفِظَتْهَا مِنْ السّوسِ وَتَدْخُلُ فِي مَرَاهِمِ الْفَالِجِ وَالتّمَدّدِ وَدُهْنُهَا يُحَلّلُ الْأَعْضَاءَ وَيُلَيّنُ الْعَصَبَ.

.فِضّةٌ:

ثَبَتَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضّةٍ وَفَصّهُ مِنْهُ وَكَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِهِ فِضّةً وَلَمْ يَصِحّ عَنْهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ لِبَاسِ الْفِضّةِ وَالتّحَلّي بِهَا شَيْءٌ الْبَتّةَ كَمَا صَحّ عَنْهُ الْمَنْعُ مِنْ الشّرْبِ فِي آنِيَتِهَا وَبَابُ الْآنِيَةِ أَضْيَقُ مِنْ بَابِ اللّبَاسِ وَالتّحَلّي وَلِهَذَا يُبَاحُ لِلنّسَاءِ لِبَاسًا وَحِلْيَةً مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِنّ اسْتِعْمَالُهُ آنِيَةً فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْآنِيَةِ تَحْرِيمُ اللّبَاسِ وَالْحِلْيَةِ. وَفِي السّنَنِ عَنْهُ وَأَمّا الْفِضّةُ فَالْعَبُوا بِهَا لَعِبًا فَالْمَنْعُ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ يُبَيّنُهُ إمّا نَصّ أَوْ إجْمَاعٌ فَإِنْ ثَبَتَ أَحَدُهُمَا وَإِلّا فَفِي الْقَلْبِ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَى الرّجَالِ شَيْءٌ وَالنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمْسَكَ بِيَدِهِ ذَهَبًا وَبِالْأُخْرَى حَرِيرًا وَقَالَ هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمّتِي حِلّ لِإِنَاثِهِمْ مُجَالَسَتُهُ وَلَا مُعَاشَرَتُهُ وَلَا يُسْتَثْقَلُ مَكَانُهُ تُشِيرُ الْأَصَابِعُ إلَيْهِ وَتَعْقِدُ الْعُيُونُ نِطَاقَهَا عَلَيْهِ إنْ قَالَ سُمِعَ قَوْلُهُ وَإِنْ شَفَعَ قُبِلَتْ شَفَاعَتُهُ وَإِنْ شَهِدَ زُكّيَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ خَطَبَ فَكُفْءٌ لَا يُعَابُ وَإِنْ كَانَ ذَا شَيْبَةٍ بَيْضَاءَ فَهِيَ أَجْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ حِلْيَةِ الشّبَابِ. وَهِيَ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْمُفْرِحَةِ النّافِعَةِ مِنْ الْهَمّ وَالْغَمّ وَالْحَزَنِ وَضَعْفِ الْقَلْبِ وَخَفَقَانهُ وَتَدْخُلُ فِي الْمَعَاجِينِ الْكِبَارِ وَتَجْتَذِبُ بِخَاصّيّتِهَا مَا يَتَوَلّدُ فِي الْقَلْبِ مِنْ الْأَخْلَاطِ الْفَاسِدَةِ خُصُوصًا إذَا أُضِيفَتْ إلَى الْعَسَلِ الْمُصَفّى وَالزّعْفَرَانِ. وَمِزَاجُهَا إلَى الْيُبُوسَةِ وَالْبُرُودَةِ وَيَتَوَلّدُ عَنْهَا مِنْ الْحَرَارَةِ وَالرّطُوبَةِ مَا يَتَوَلّدُ وَالْجِنَانُ الّتِي أَعَدّهَا اللّهُ عَزّ وَجَلّ لِأَوْلِيَائِهِ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ أَرْبَعٌ جَنّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَجَنّتَانِ مِنْ فِضّةٍ آنِيَتُهُمَا وَحِلْيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الصّحِيحُ مِنْ حَدِيثِ أُمّ سَلَمَةَ أَنّهُ قَالَ الّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذّهَبِ وَالْفِضّةِ إنّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنّمَ وَصَحّ عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ قَالَ لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذّهَبِ وَالْفِضّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا فَإِنّهَا لَهُمْ فِي الدّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ.

.عِلّةُ تَحْرِيمِ الْفِضّةِ:

فَقِيلَ عِلّةُ التّحْرِيمِ تَضْيِيقُ النّقُودِ فَإِنّهَا إذَا اُتّخِذَتْ أَوَانِيَ فَاتَتْ الْحِكْمَةُ لِأَجْلِهَا مِنْ قِيَامِ مَصَالِحِ بَنِي آدَمَ وَقِيلَ الْعِلّةُ الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ. وَقِيلَ الْعِلّةُ كَسْرُ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إذَا رَأَوْهَا وَعَايَنُوهَا. وَهَذِهِ الْعِلَلُ فِيهَا مَا فِيهَا فَإِنّ التّعْلِيلَ بِتَضْيِيقِ النّقُودِ يَمْنَعُ مِنْ التّحَلّي بِهَا وَجَعْلِهَا سَبَائِكَ وَنَحْوَهَا مِمّا لَيْسَ بِآنِيَةٍ وَلَا نَقْدٍ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ حَرَامٌ بِأَيّ شَيْءٍ كَانَ وَكَسْرُ قُلُوبِ الْمَسَاكِينِ لَا ضَابِطَ لَهُ فَإِنّ قُلُوبَهُمْ تَنْكَسِرُ بِالدّورِ الْوَاسِعَةِ وَالْحَدَائِقِ الْمُعْجِبَةِ وَالْمَرَاكِبِ الْفَارِهَةِ وَالْمَلَابِسِ الْفَاخِرَةِ وَالْأَطْعِمَةِ اللّذِيذَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ وَكُلّ هَذِهِ عِلَلٌ مُنْتَقِضَةٌ إذْ تُوجَدُ الْعِلّةُ وَيَتَخَلّفُ مَعْلُولُهَا.

.عِلّةٌ عِنْدَ الْمُصَنّفِ:

فَالصّوَابُ أَنّ الْعِلّةَ- وَاللّهُ أَعْلَمُ- مَا يُكْسِبُ اسْتِعْمَالُهَا الْقَلْبَ مِنْ الْهَيْئَةِ وَالْحَالَةِ الْمُنَافِيَةِ لِلْعُبُودِيّةِ مُنَافَاةً ظَاهِرَةً وَلِهَذَا عَلّلَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِأَنّهَا لِلْكُفّارِ فِي الدّنْيَا إذْ لَيْسَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْعُبُودِيّةِ الّتِي يَنَالُونَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ نَعِيمَهَا فَلَا يَصْلُحُ اسْتِعْمَالُهَا لِعَبِيدِ اللّهِ فِي الدّنْيَا وَإِنّمَا يَسْتَعْمِلُهَا مَنْ خَرَجَ عَنْ عُبُودِيّتِهِ وَرَضِيَ بِالدّنْيَا وَعَاجِلِهَا مِنْ الْآخِرَةِ.